Powered By Blogger

قصة "30 فضة" - يوسف السباعي




30 فضة
قصة : يوسف السباعي











المحاكاة في قصة 30 فضة
قراءة: محمود حسنين
في مجموعته "نفحة من الإيمان" التي صدرت ضمن الأعمال الكاملة سنة1978, نجد يوسف السباعي قد أصر على أسلوب المحاكاة في أغلب القصص وإن لم يكن أغلبها, ففي قصة "30 فضة" والتي قدمها الكاتب باقتباس من إنجيل متى قائلا:"ولما كان الصباح تشاور جميع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب على يسوع حتى يقتلوه فأوثقوه ومضوا به ودفعوه إلى بيلاطس البنطي الوالي. حينئذ لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم ورد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ قائلا: قد أخطأت إذ سلمت دما بريئا. فقالوا له ماذا علينا أنت أبصر فطرح الفضة في الهيكل وانصرف ثم مضى وخنق نفسه".
 هذا الاستهلال يجعل القارئ مقبلا على لغز ما يشحذ فكرة ويجعله ينجذب إلى الخيوط المتشابكة التي ينسجها الحكي في مدى التفسير المعنوي والنفسي للحبكة, تعتبر القصة هي محاكاة لقصة طمع الإنسان ولكن بصورة نفسية, كما حاول البطل الأول وهو الرسام شرح أهمية العوامل النفسية حتى في الرسم, حيث كان يبحث عن حالة نفسية يسبر أغوارها ويصورها على أنها حالة طبيعية لشخصية يهوذا, ولست حالة مرض يضني صاحبه, ولعنة يريد صاحبها التخلص منها, كما هو الحال مع مجنون جمع الفضة -البطل الثاني للقصة-, ونجد أيضا الرمزية في القصة تعمد الكاتب أن يخفى الأسماء والزمان والمكان, وللرمزية دلالة أخرى, فالإسقاط على قصة المسيح, والإسقاط على مرضى انفصام الشخصية, وكذلك مشقة البحث للعمل الإبداعي أيا ما كان نوعه في سبيل الحصول على الأفضل دائما, ففي مقدمة المجموعة يقول الكاتب معللا سلوكيات الإنسان وعلته النفسية: "ما بعث في الإنسان الراحة والهدوء والاستقرار والسكينة كالإيمان, فالإيمان نقيض القلق والحيرة والضلال", وفي تلك المجموعة تشعر بأن كاتبها هو واعظ ولكنه يلبس ثوب الأديب, على عكس روايته "نائب عزرائيل" التي أدخلته في تهمة الإلحاد, وقد يكون الكاتب أراد الكتابة بأكثر من لون متعمدا التنوع ومتمردا أيضا على التخصص. فتوظيف أسطورة ما أو قصة تاريخية, تتابع في عمل سردي به مقومات القصة, هو أمر شاق  حيث أنك تريد أن يستحوذ النص على القارئ حتى النهاية, لتنتصر لفكرة أن لكل إنسان بقايا إنسان داخل ذكراه,  إنها نوستالجيا من نوع خاص, تلك التي تجعلك تذوب في فنجانها, وقد يكون الحنين إلى طريق كنا نسير فيه, أو صورة نتوق لرؤيتها, ولربما الكلمات هي ما تخرج صوت إذاعي, إنها مكنونات الإنسان فأكثر شيء يرضى الإنسان ويمنحه قوه وزهو, حلم برئ أو ذكرى وماض يستحضره ليأنس به في حاضره.

ـــــــــــــــ
سيرة ذاتية للكاتب
هل تعرف يوسف السباعي؟
لقد كان يوسف السباعي مجايلاً لإحسان عبد القدوس والذي أهدى إليه تلك المجموعة, وصلاح عبد الصبور وغيرهم من الذين اهتموا بالسياسة بجوار كونهم كتاب, ولكن يبقى لهم كونهم كتابا ومبدعين بعد كل شيء.
في كتاب يوسف السباعي بين الأيام والليالي يقول علاء الدين وحيد:" سألت يوسف السباعي يوما: ألم تكتب مذكرات خاصة؟ فكان جوابه: ولماذا ما حاجتي إليها؟ لقد كتبت أدق تفاصيل حياتي في قصصي, فما هي الحاجة إذن إلى ملء هذه المذكرات.. وهذا صحيح فلن نجد أديبا عربيا استوحى حياته من كتاباته كما فعل يوسف السباعي بالذات كأنما شاءت طبيعته منذ البداية أن يبعد صاحبها بفنه عن الافتعال" ثم يعود فيقول:" إن دارس يوسف السباعي وكتاباته لا يحتاج إلى تخمين كثير أو افتعال بالمرة ليلتقط هذا الملمح أو ذاك من أدبه لينسبه إلى أحداث الفنان الخاصة"
ولد في حي الدرب الأحمر بالقاهرة في 10 يونيه في عام 1917، والتحق بالكلية الحربية في عام 1935، وتخرج فيها في عام 1937. منذ ذلك الحين تولى العديد من المناصب منها التدريس في الكلية الحربية بسلاح الفرسان، وأصبح مدرسًا للتاريخ العسكري بها في عام 1943، ثم اختير مديرًا للمتحف الحربي في عام 1949، وتدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة عميد. بدأ يوسف السباعي من منتصف الأربعينيات من القرن العشرين بالتركيز على الأدب والكتابة، فنشر مجموعات قصصية وبعدها بدأ بكتابة الروايات في فترتي الخمسينات والستينيات، والتي تحول الكثير منها إلى أفلام، منها: (رد قلبي، بين الأطلال، نحن لا نزرع الشوك، إني راحلة، السقا مات، أرض النفاق)، وعندما وصل الرئيس السادات لسدة الحكم في بداية السبعينيات، عين السباعي وزيرًا للثقافة في عام 1973، ورئيسًا لمؤسسة الأهرام ونقيبًا للصحفيين، وظل يشغل منصب وزير الثقافة إلى أن اغتيل في قبرص في عام 1978 خلال حضوره ﻹحدى المؤتمرات.


قصة "30 فضة" - يوسف السباعي قصة "30 فضة" - يوسف السباعي تمت مراجعته من قبل سيد الوكيل في أغسطس 18, 2018 تقييم: 5

ليست هناك تعليقات: